الرئيسية | المتن | كنوز التراث | مختارات | تعريف | ديوان المطالعين | إدارة الموقع  

النفس آلفة الحياة

أبو العلاء المعري

لزومية

تاريخ النشر: 2023/08/24
اقرأ للكاتب
يتحاربُ الطَّبعُ الذي مُزِجَت به
مُهَجُ الأنامِ وعَقْلُهُم فَيَفُلُّهُ

ويَظَلُّ يَنْظُرُ ما سَناهُ بِنافِعٍ
كالشمس يَسْتُرُها الغَمامُ وظِلُّهُ

حتّى إذا حَضَرَ الحِمامُ تَبَيَّنوا
أنَّ الذي فَعَلوهُ جَهْلٌ كُلُّهُ

والعَقْلُ في معنى العِقالِ ولفظِهِ
فالخيرُ يَعقِلُ والسَّفَاهُ يَحُلُّهُ

وتَغَرُّبُ الشِرِّيرِ يُوجَبُ حَتْفَهُ
مِثلُ الوِجارِ إذا تَسَحَّبَ صِلُّهُ

والنَّفسُ آلِفَةُ الحياةِ فدمعُها
يَجري لِذِكرِ فِراقِها مُنْهَلُّهُ

ما خُلَّةٌ بِأَغَرَّ منها والفتى
يبكي إِذا رَكِبَ الصَّريمةَ خِلُّهُ

لا تُحْجَزُ الأَقدارُ وَهْيَ كثيرةٌ
كالغَيْثِ وابِلُهُ يَصُوبُ وطَلُّهُ

ومِنَ الجُنُودِ على الكَمِيِّ جَوادُهُ
وحُسامُهُ وسِنانُهُ ومِتَلُّهُ

مَيِّزْ إِذا انْكَلَّ الغَمامُ وميضَهُ
فالبَرْقُ يُخبِرُ أين يَسْقُطُ كُلُّهُ

ولقد عَلِمتُ فما أَسِفتُ لفائتٍ
أَنَّ البَقِيَّةَ من مَدَايَ أَقَلُّهُ

والبَرُّ يَلتَمِسُ الحَلالَ ولم أَجِدْ
هَذا الوَرى إلّا فَقيدًا حِلُّهُ

يُمسِي وقد مَلَّ البقاءَ ويَغْتَدي
وَلَهُ رَجاءٌ فيه ليس يَمَلُّهُ

فاحفظ أخاكَ وإن تَبَيَّنَ أَنَّهُ
بالي الودادِ ضَعيفُهُ مُخْتَلُّهُ

فالغِمدُ يذعَرُ في اللقاء كَهامُهُ
والسيفُ لَم يُبْدِ الخَبيئةَ سَلُّهُ

والبُرْدُ يكفيكَ العيونَ دَريسُهُ
والعُضوُ ينفعُ في الخُطوبِ أَشَلُّهُ

والعُمْرُ لا يدري الحكيمُ أَكُثْرُهُ
خَيْرٌ لَهُ مُتَغَبِّراً أَم قُلُّهُ؟

لا تَهْزَأَنْ بالشيخ، كم من ليلةٍ
جازت به كالبدر يَحسُنُ دَلُّهُ

أيَّامَ يُهتَكُ في البَطالَةِ سِتْرُهُ
كالطِّرْفِ مُزِّقَ في التَّمَرُّحِ جُلُّهُ

شَرُّ الزمانِ زمانُ أَشْيَبَ دالِفٍ
وَصِباهُ أَنفَسُ وَقتِهِ وَأَجَلُّهُ

ما لي؟ أَيَفْهَمُ سامِعِيَّ نصيحتي
فأَبِيتَ أَنْهَلُ مُصْغِيًا وأَعُلُّهُ

يجري بفارسه الطِّمِرُّ مُؤَجَّلًا
وإذا انقضى أجَلٌ فليس يُقِلُّهُ

أَجْتابُ شَهْرًا أَوَّلًا فَأُبِيدُهُ
ويجيءُ ثانٍ بعدَه فَأُهِلُّهُ

يُمسي على حَدِّ المهنَّد أَخمَصي
فترى اليسير من الأمور يُزِلُّهُ

والناسُ جائرُ مَسْلَكٍ مُسْتَرشِدٌ
وأخٌ على غير الطريق يَدُلُّهُ

الاسم
رمز التحقق  أدخل الرقم في خانة التحقق  4657