الرئيسية | المتن | كنوز التراث | مختارات | تعريف | ديوان المطالعين | إدارة الموقع  

زمان السوء

أيوب الجهني

شعر

تاريخ النشر: 2024/03/10
اقرأ للكاتب

لا تَدْفعيني إلى تلك الأباطيلِ
فلستُ منها على شِبْرٍ وَّلا مِيلِ

صبرتُ نفسيَ دهرًا عن خوالِبِها
حتى استقامَتْ، فإن لَّمْ تصبري مِيلي

إني كرِهْتُ لِنَفْسي أنْ تُعاوِدَها
بعدَ السلامةِ عاداتُ الأراذيلِ

وأنتِ في غيرِ بِرٍّ تَدْفعين بنا
في مَهْمَهٍ مُّنْتَهاها قَعْرُ سِجِّيلِ

فجاوِرِي غيرَ مذمومِ الجِوارِ ولا
داني النِّجَارِ وبادي العارِ، أو زُولي

فما طَمِعْتُ لِنَفْسي أن يُّصاحِبَها
مَن لَّا يكونُ لها كالكُحْلِ والمِيلِ

لا تَحْسبي أنَّ فَلّي مُوهِنٌ عَضُدِي
لا خيرَ في السيف يُلْفَى غيرَ مفلولِ

وإنْ تَمُتْ رَغَباتٌ كنتُ آمُلُها
فلم يمُتْ قلبُ ماضي العزْمِ شِمْلِيلِ

أَأَن رَّأيتِ زمانَ السُّوءِ بَدَّلَ مِن
أهلِ العمائم أصحابَ البناطيلِ

مِن كُلِّ مَن لَّسْتُ أدري حين أُبْصِرُهُ
أذو الحمائلِ أم ذاتُ الخلاخيل؟

وصِرْتُ أُبصِرُ شيئًا لَّا أُمَيِّزُهُ
خَلْقُ الرجالِ وأخلاقُ التماثيل

إذا رأيتُ فوجْهٌ لَّسْتُ أُنْكِرُهُ
وإن بَلَوْتُ فأفعالُ المجاهيلِ

وغابَ مَن كان يُسْتَشْفى بحكمتهِ
ويَهْتَدي بِهُداهُ كلُّ ضِلِّيلِ

إذ كان للناس أَسْنامٌ وأَغْرِبَةٌ
فصارَتِ الناسُ كالشَّاءِ المَجافيلِ

وكان زَهْوُ الفتى في حُسْنِ قالَتِهِ
ونَصْبِ هامَتِهِ كالليثِ في الغِيلِ

أو في اصْطِناعِ يَدٍ تبقى لِذِكْرِ غَدٍ
أو في جِلَاءٍ لِأَسْيافٍ مَّصاقيلِ

فصار ذِكْرُ أُلَاءِ القومِ تُرَّهَةً
كما تُنَبَّأُ بالعنقاءِ والغُولِ

وصار زَهْوُ الفتى في هَزِّ قامَتِهِ
مثلَ النعامةِ إن رِّيعَتْ بِتَجْفِيلِ

لَهْفي عليكَ زمانًا لَّو رجعْتُ لهُ
نصَبْتُ فيه عريضاتِ الغرابيلِ

لِتَنْخَلَ الناسَ نَخْلًا غيرَ مُبْقِيَةٍ
إلا نُقاوَةَ أبناءَ البهاليلِ

لَهْفي عليك زمانًا ما تركتَ لنا
إلا مُسُوخًا قَفَاها كلُّ مخذولِ

إني لَأَرْقُبُ فيهم كلَّ سانحةٍ
رَجْمَ الأحابيشِ بالطيرِ الأبابيلِ

فقد بَدَا شَرُّهمْ من كلِّ مَرْقبَةٍ
فاحْبِسْ عَوَادِيَهمْ يا حابِسَ الفيلِ

١٤٤٥/٨/٢٧

الاسم
رمز التحقق  أدخل الرقم في خانة التحقق  3545